responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 609
[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 92 إِلَى 93]
وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (92) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93)
عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ [الْبَقَرَة: 91] وَالْقَصْدُ مِنْهُ تَعْلِيمُ الِانْتِقَالِ فِي الْمُجَادَلَةِ مَعَهُمْ إِلَى مَا يَزِيدُ إِبْطَالَ دَعْوَاهُمُ الْإِيمَانَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاصَّةً، وَذَلِكَ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَكْذَبَهُمْ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ كَمَا بَيَّنَّا، تَرَقَّى إِلَى ذِكْرِ أَحْوَالِهِمْ فِي مُقَابَلَتِهِمْ دَعْوَةَ مُوسَى الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ فَإِنَّهُمْ مَعَ ذَلِكَ قَدْ قَابَلُوا دَعْوَتَهُ بِالْعِصْيَانِ قَوْلًا وَفِعْلًا فَإِذَا كَانُوا أَعْرَضُوا عَنِ الدَّعْوَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بِمَعْذِرَةِ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا بِمَا أنزل عَلَيْهِم فَلَمَّا ذَا قَابَلُوا دَعْوَةَ أَنْبِيَائِهِمْ بَعْدَ مُوسَى بِالْقَتْلِ؟ وَلماذَا قَابَلُوا؟
دَعْوَةَ مُوسَى بِمَا قَابَلُوا. فَهَذَا وَجْهُ ذِكْرِ هَذِهِ الْآيَاتِ هُنَا وَإِنْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ نَظَائِرُهَا فِيمَا مَضَى، فَإِنَّ ذِكْرَهَا هُنَا فِي مَحَاجَّةٍ أُخْرَى وَغَرَضٍ جَدِيدٍ، وَقَدْ بَيَّنْتُ أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ مِثْلَ تَأْلِيفٍ فِي عِلْمٍ يُحَالُ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَلْ هُوَ جَامِعُ مَوَاعِظَ وَتَذْكِيرَاتٍ وَقَوَارِعَ وَمُجَادَلَاتٍ نَزَلَتْ فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ وَأَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ فَلِذَلِكَ تَتَكَرَّرُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ لِاقْتِضَاءِ الْمَقَامِ ذِكْرَهَا حِينَئِذٍ عِنْدَ سَبَبِ نُزُولِ تِلْكَ الْآيَاتِ.
وَفِي «الْكَشَّافِ» أَنَّ تَكْرِيرَ حَدِيثِ رَفْعِ الطُّورِ هُنَا لِمَا نِيطَ بِهِ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ مَعْنًى فِي قَوْلِهِ: قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا الْآيَةَ وَهِيَ نُكْتَةٌ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ.
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ إِنَّ تَكْرِيرَ الْقِصَّةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ طَرِيقَتَهُمْ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرِيقَةُ أَسْلَافِهِمْ مَعَ مُوسَى وَهِيَ نُكْتَةٌ فِي الدَّرَجَةِ الْأُولَى وَهَذَا إِلْزَامٌ لَهُمْ بِعَمَلِ أَسْلَافِهِمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَرْعَ يَتْبَعُ أَصْلَهُ وَالْوَلَدَ نُسْخَةٌ مِنْ أَبِيهِ، وَهُوَ احْتِجَاجٌ خِطَابِيٌّ.
وَالْقَوْلُ فِي هَاتِهِ الْآيَاتِ كَالْقَوْلِ فِي سابقتها [الْبَقَرَة: 63] وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي (الْبَيِّنَاتِ) .
إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: وَاسْمَعُوا مُرَادٌ بِهِ الِامْتِثَالُ فَهُوَ كِنَايَةٌ كَمَا تَقُولُ فُلَانٌ لَا يَسْمَعُ كَلَامِي أَيْ لَا يَمْتَثِلُ أَمْرِي إِذْ لَيْسَ الْأَمْرُ هُنَا بِالسَّمَاعِ بِمَعْنَى الْإِصْغَاءِ إِلَى التَّوْرَاةِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: خُذُوا مَا آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ يَتَضَمَّنُهُ ابْتِدَاءٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْأَخْذِ بِالْقُوَّةِ الِاهْتِمَامُ بِهِ وَأَوَّلُ الِاهْتِمَامِ بِالْكَلَامِ هُوَ سَمَاعُهُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 609
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست